صدر حديثًا عن مجمع اللّغة العربيَّة في النّاصرة، العدد العاشر من مجلّة المجلّة، لعام 2019، وهي مجلّة علميَّة محكمة، تُعنى بشؤون اللّغة العربيَّة وآدابها. وقد جاءت بغلاف جميل، من الورق المقوَّى، وطباعة أنيقة، ووقعت في (255) صفحة من القطع الكبير. ضمّت ثماني دراسات، خُصِّصت جميعها لمعالجة الخطاب الثقافيّ. بالإضافة إلى الباب الثَّابت في المجلَّة، وهو: مختصرات لمحتوياتها، باللّغة الإنجليزيَّة، وقد أشرف على تحرير هذا العدد، عضو إدارة المجمع، البروفسور مصطفى كبها.
افتُتحت المجلة بدراسة للأستاذة ميسون إرشيد شحادة، تمحورت حول "مفردات الخطاب الدِّينيّ وتأثيره على المجموعات القوميَّة والتَّجسير بينها، وتطرَّقت فيها إلى استخدام الشِّيوعيُّين العرب لهذا الخطاب، في فلسطين الانتدابيَّة، وتحت الحكم الإسرائيليّ" (1925-1967).
الدراسة الثانية: عالج فيها كاتبها البروفسور يسرائيل جرشوني، مسألة "خطاب التَّنوير والحداثة في مصر: دور أحمد لطفي السيِّد والجريدة، 1907-1915"، مبيّنًا تأثير أحمد لطفي السيِّد الثقافيّ على الأجيال الشابَّة التي تُعزى لها الرِّيادة في إنشاء ثقافة الطّباعة العربيَّة في مصر خاصَّة، والشَّرق الأوسط العربيّ عامة.
الدارسة الثالثة: بحث فيها صاحبها البروفسور إحسان الدِّيك، موضوع، الخطاب الميثولوجي في الطقوس الشعبيَّة الفلسطينيَّة، متَّخذًا من تمثال عشتار نموذجًا.
حين ننظر إلى الدراسة الرَّابعة في المجلَّة، نجد أنَّ صاحبها البروفسور محمود غنايم، رئيس مجمع اللغة العربيَّة في الناصرة، وأستاذ الأدب العربيّ الحديث في جامعة تل أبيب سابقًا، خصَّصها لدراسة الهويَّة في القصَّة الفلسطينيَّة المقيمة: (1948-1991). تهدف دراسته إلى تتبُّع الصِّراع النَّاتج عن أزمة الهويَّة، لدى الأقليَّة الفلسطينيَّة، في القصة المحليّة، هذه الأزمة تتجلَّى في إحساس هذه الأقليَّة بانتمائها قوميًا ووطنيًا للأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة والشَّعب الفلسطينيّ من ناحية، وتعيش كأقليَّة مواطنة داخل إسرائيل من الناحية الأخرى.
في المقال الخامس من المجلة يرصد الدكتور رياض كامل مسألة "علاقة النَّص الإبداعيّ في رواية سيرة بني بلُّوط للأديب محمَّد على طه، بالفكر الأيديولوجي للرّوائي، وتعاين حيّز الحريَّة الذي يمنحه الرّوائي لشخصيَّات روايته من ناحية، والرَّاوي الرَّئيسي من ناحية أخرى.
البروفسور مصطفى كبها قدَّم في هذا العدد من المجلَّة دارسة بعنوان: "الخطاب الإعلامي ودوره في صياغة حدود الحيّز العام: الصَّحافة العربيَّة في فترة الحكم العسكريّ في إسرائيل كحالة بحث". قام في هذه الدِّراسة "بفحص وتحليل المضامين الصَّحفيَّة والخطاب الإعلاميّ الذي جرى بواسطة الصًّحافة النَّاطقة باللغة العربيَّة في إسرائيل في فترة الحكم العسكريّ الذي فُرِض على الأقليَّة العربيَّة في السنوات 1948-1966".
الدراسة السَّابعة: كانت للبروفسور المرحوم قيس ماضي فِرُّو الذي دارت دراسته حول: اللغة والخطاب والسرديَّة في الكتابة التاريخيَّة في الغرب، بحث فيها نماذج نظريَّة مختارة لمفكرين غربيين تناولوا هذه المواضيع.
أمَّا الدّراسة الأخيرة في المجلَّة، فهي للباحثة روضة مرقص-مخّول التي تعد للدَّكتوراة في قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا -جامعة بن غوريون في النَّقب، عالجت في دراستها قضيَّة الخطاب الكولونيالي ومساهمته في تمييع الذَّاكرة الجَّماعيَّة، وتغييب الدَّور الاقتصادي للنّساء الفلسطينيَّات القرويَّات مثالًا.
يُلاحظ أنَّ هذا العدد من مجلَّة المجلَّة نال إعجاب القرَّاء، خاصة لأنَّه عالج موضوع "الخطاب الثقافيّ" بشكل لم تتم فيه معالجته في أبحاثنا العربيَّة المحليَّة من قبل، على مثل هذا المستوى العلميّ والأكاديميّ.
(من سيمون عيلوطي: المنسّق الإعلامي في المجمع)
لتحميل او مشاهدة المجلة اضغط هنا