أقام مجمع اللغة العربية يوم السبت 29.11.2008 في فندق هار هكرميل في حيفا المؤتمر الأول حول اللغة العربية في إسرائيل وتحديات العصر. افتتحه البروفيسور محمود غنايم رئيس مجمع اللغة بكلمة ترحيبية وقف فيها على المهام التي تعهد مجمع اللغة العربية أن يقوم بها في سبيل رفع شأن اللغة العربية. وعلى المواضيع القيّمة التي ستطرح في المؤتمر الأول حول اللغة العربية في إسرائيل والتي يشارك فيها باحثون يهود وعرب من مختلف جامعات وكليات البلاد. وقد توزّع برنامج المؤتمر على حلقتين متميزتين:
الأولى ترأسها البروفيسور سليمان جبران وتحدّثت فيها بروفيسور إيلانة شوهامي من جامعة تل أبيب والدكتورة أييلت هرئيل شليف من جامعة بن غوريون والبروفيسور جون مايهيل من جامعة حيفا . أما الحلقة الثانية فرئسها الدكتور مصطفى كبها وتحدث فيها الدكتور محمد أمارة من كلية بيت بيرل والدكنتور إبراهيم بصل من الكلية الأكاديمية العربية في حيفا والأستاذ خالد إغبارية من كلية كي.
عرضت البروفيسورة إيلانة شوهامي في محاضرتها وضع اللغة العربية في ثلاثة مواقع مهمة : في الفضاء الواسع في أماكن مختلفة يهودية وعربية في البلاد حيث لا تُرى العربية في الأماكن اليهودية وتظهر بشكل بائس في المواقع اليهودية القريبة من المواقع العربية مثل المدن المختلطة . كذلك الأمر في اللافتات الرسمية في الشوارع والمكاتب الرسمية، فحيث يوجد السكان العرب نجدها مع العبرية وحيث لا وجود للعرب لا توجد اللغة العربية. وفي الجامعات حيث نلمس التغاضي التام عن وجود للغة العربية والتعامل معها بخجل في بعض المواضيع والمكاتب . أما في التدريس فلا وجود لها وهذا يؤثر على الطالب العربي اجتماعيا وتعليميا ويؤثر على تحصيله العلمي، حيث يكون الفرق كبيرا في قوة الاستيعاب والإتقان والتعبير ما بين الطالب اليهودي والطالب العربي.
وطالبت البروفيسورة شوهامي بتغيير السياسة التعليمية في الجامعات وإعطاء الطالب العربي اهتمامًا أكبر واحترام اللغة العربية كلغة أساسية .
أما الدكتورة أييلت هرئيل فوقفت على التمييز ما بين اليهود والعرب وأثر ذلك على وضع اللغة العربية. وقالت صحيح أن وثيقة الإستقلال حفظت للأقلية العربية حقوقها وحقها في استعمال لغتها العربية ولكن الدولة ظلت تنظر إلى العرب كغرباء وتجاهلت حقوقهم ولغتهم رغم النص القانوني بكونها اللغة الرسمية الثانية. وقالت إن القاضي أهرون باراك قاضي محكمة العدل العليا السابق هو أوّل مَن عرف عرب البلاد بأنهم أقلية في موطنها ولها كل الحقوق. وقالت إن تطوّر وضع اللغة العربية في البلاد والاعتراف بها وفرض استعمالها في العديد من المرافق لم يكن نتيجة لمبادرة السلطات الحكومية.
أما البروفيسور جون مايهيل فتحدّث عن الخطر الكبير الداهم على اللغة العربية من اللهجات العامية وخاصة من لغة الإنترنت وما نراه من تزايد وانتشار للعامية، حيث يكتب الآلاف باللغة العامية مهملين اللغة الفصحى، ويتوقع أنّ اللغة العربية ستجد نفسها بعد سنوات في موقع الاهمال وعدم التعامل وحتى لغة مرفوضة من أهلها، كما أنه تنبأ بأن تحل اللهجات العامية محل اللغة الفصحى في الكتابة.
وتحدّث الدكتور محمد أمارة عن المشهد اللغوي كما توصل إليه من دراسة استكشافية قام بها في فضاء ثلاث مدن هي: القدس العربية والطيرة والناصرة، حيث توقف عند المشهد اللغوي كما عبّرت عنه الساحة العامة ومن ضمنها لافتات الطرق وأسماء المواقع والشوارع والبنايات والأماكن والمؤسسات. وشملت أيضا لافتات الإعلانات والاعلانات التجارية وبطاقات الزيارة الشخصية. ففي الطيرة مثلا وجد أن 40% من اللافتات مكتوبة باللغة العبرية فقط وأصحابها من الناس العاديين، و60% بالعربية والعبرية. في الناصرة البلد العربي السياحي 8% بالعربية فقط. و50% بالعربية والعبرية.
وتناول الدكتور إبراهيم بصل ظاهرة وجود ألفاظ آرامية في اللهجة العربية الفلسطينية في إسرائيل، واستعرض الفترات التاريخية المختلفة التي كانت للغة الآرامية تأثيراتها الكبيرة على لغة البلاد. كما أشار إلى أن الكثير من المصطلحات والكلمات تعود إلى جذورها الآرامية وتوجد باللغات الأخرى وخاصة بالعبرية وكذلك بالعربية. وقد أتى بالكثير من الكلمات التي تعود في أصولها إلى الآرامية وتنتشر على ألسنتنا وتحفظها المعاجم المختلفة.
أما الأستاذ خالد إغبارية فاستعرض في محاضرته العديد من الكلمات العبرية التي تسربت إلى العربية العامية عند عرب النقب ويتداولها الناس فيما بينهم بعادية وقبول. ويرى الأستاذ خالد أن هذا الاستعمال للأفعال العبرية وتعريبها حسب الميزان الصرفي العربي يدل على التأثر الشديد لدى العرب باللغة العبرية واستسهال استعمالها في حياتهم اليومية.
في الختام شارك الحضور بمداخلاتهم وأسئلتهم التي وجهت إلى المحاضرين وتناولوا المواضيع المختلفة في حقل اللغة العربية وعلاقاتها باللغات الأخرى ووضعها في الدولة، وقد أجاب عنها المحاضرون بوضوح وإسهاب.
يمكن لمن يود أن يقرأ المواد التي عرضها المشاركون في المؤتمر، كاملة، على الرابط التالي:
/Public/kenes book.pdf